ربـيـعٌ يستوحشُ الغيث
تُـخاصِمُني والقلبُ لم يقتَرِفْ ذَنـبـا
تُـعاتِـبُني والحبُّ لم يُوقِفِ الـعَـتـبـا
وإن عـاتَـبَـتنـي لا يَـموتُ بِـداخِـلـي
هوىً أو جنوحٌ يقتلُ الحبَّ والقُربـا
هَنيئـاً لِـقـلـبـي يـومَ زِلـتِ خـطوبَـهُ
فـمــا زِلـتِ فـيـهِ لا تُـغـاديـنَـهُ حُـبَّـا
فَدَتـكِ النِّـساءُ البيضُ والسمـرُ لَـمَّـةً
فدتـكِ القوافي والقصيدُ ومَن قَـبَّـا
سـتَـبـقِـيـنَ مـا بينَ الفؤادِ حـمـامَـةً
وإن زِدتِـنِـي لـومـاً ونـاراً ومـا شَـبَّـا
تَـزوريـنَ أفـكـاري فَـتـبـدَأُ رِحـلَـتـي
على شـاطىءٍ مـا زارَهُ أَحَـدٌ غَـصبـا
فَـتُـورِقُ مـا بيـنَ المشاعرِ صَـفحـةٌ
فَـتكتُـبُـني الـشكوى وتـقتُلُنـي العُـقـبَـى
أَلَا تُـشـفِـقـيـنَ الآنَ غـالـيـتي ، أنــا
ربـيـعٌ ذَوى يَستوحِشُ الغيثَ والسُّحبـا
فلـم تَـأبَـهِي عـيـنــاً أراكِ بـهـا ولا
لِـسانــاً لأيَّــامِ الـتـلاقــي ولا قَـلـبـا
تَـزجِّـيـنَ من جُـنـدِ المشاعرِ جَحفَـلاً
وحولي منَ الأنَّـاةِ ما تقتُـلُ الحَـربــا
كتمتُ اِحتراقي والشعورُ مُـلَـبَّـكٌ
كأنِّي رضيتُ السُّقمَ والعجزَ والكَربـا
وإن كـانَ ذنبـي أنَّـني فيكِ عـاشِقٌ
فـأهلاً بهذا الذنبِ قـد جِئتُـهُ رَغـبـا
أَلَا ليتَ شِعري في سُـعادَ كـحُـبِّـهـا
مُقيمٌ ومن بينِ الحَشَا يقذِفُ الشُهبا
أتَيتُكِ مِثلَ النجمِ في حالِـهِ فَـلَـم
يَـجِـد نفسَهُ شرقاً سَيذهَـبُ أم غربـا؟
أطِـلِّـي وكُـونـي لِـلـمَـمـاتِ حـبـيبـةً
فـهـذا أنــا لا أتــرُكُ الـحُبَّ والـدَّربــا
فلولا اِحتراقُ الروحِ في لَهَبِ الهوى
لَـمـا طــابَ لِـلعشَّـاقِ صبـرٌ إذا هَـبَّــا
ولولا اِنتماءُ الروحِ في كَـنَفِ الهوى
لَما عاشقٌ حازَ الحبيبَ ولا الصَّحبـا
ولولا الهوى مـا احتاجَ ذكراً وثـورةً
ولا مــاتَ صَـبٌ مِـن هــواهُ ولا لَـبَّـا
يُطاوعُني الليلُ الطويلُ لِـحـاجتي
ولو طـاوعَت سُعدى لَجئتُ لـهـا وَثـبـا
ولم تَـرَ عيني الحُسنَ إلاَّ بِـها وإن
رَأَت غَـيـرَها عَـيَّـت وأغلَقَـتِ الـهُـدبـا
أتَـيـتُ ومـــا بـيـنَ الـفـؤادِ رجـاحـةٌ
فـمــا حازَهـا عقلٌ ومَـن مَلَكَ الـلُّـبَّـا
وأعجَبُ أنَّ الحبَّ لايُسعِفُ الهوى
وكيفَ لِقلبٍ أنْ يُطاوعَ مَن أصبى؟
أُحـبُّـكِ لا أرضى بِـغيـرِ بَـنـانَـةٍ
تُـلامِـسُـنـي روحـاً ، فَـتـمـلـؤُنـي حُـبَّـا
أُحِـبُّـكِ حـبَّـاً مـا دَنَـتـهُ قـصـائـدي
ولا عُجمَ قد دانو هوايَ ولا عُـربـا
أَ يُنكَرُ وجـدُ القلبِ أم يُنكرُ الفَتى ؟
لَعمري بِـأنَّ الروحَ قد صُلِبَت صَـلـبـا
دَعِـي كلَّ مـا قـالـوا وقِيـلَ فَـإنَّـنـي
أتَـيتُ هـواكِ الـغَـضَّ لم أرتَـكِب ذَنـبــا
أتَـيتُ وفي قلبي مُـنـاجاةُ عـاشـقٍ
فمـا كان مِـنِّي غيرُ روحٍ أتَـت سَـغـبـا
أتَيتُ وفي نفسي مـعـالـمُ شـاعـرٍ
أتَـيتُ وقلبي لم يَزلْ هَـمُّـهُ الـكَسـبـا
فَـأَنَّـبتِ روحـاً قـد تَربَّـت بِـطاعـةٍ
وصِرتِ على اللوعاتِ تحتَطِبي الحَطـبـا
فياليتَـكِ اِختاريتِ قلبي منازلاً
لِـيبقى اِلتماسُ القربِ مـابَـيننـا رَطـبـا
فأنتِ التي لم أرضَ منها سِوَى هوىً
يُـطـاوعُـنـي رغـبـاً ويـجعلُنـي صَـبَّـا
تَـنوحُ مَـعِـي الأشعارُ دونَ شِـكايـةٍ
فلا تـنتهـي حُـزنـاً ولا تـكتفـي نَـدبـا
إذا بَـعُدَت لم تَسلَمِ الروحَ حـزنُـهـا
وإن قَـرُبَت ما نِـلتُ من ماءِهـا شُـربـا
أُحَدِّثُ عنكِ الشعرَ فَـيُخجلُنـي بِأَن
أقولَ : ولوأنشدتُ مِنـكَ بَـدَت غَـضـبَـى
ولي فيكِ لا في غَيرِكِ القلبُ شاغلٌ
فَـظُلمُكِ أضحى في المحبَّـةِ لي رُعـبـا
إذا اشتاقتِ الروحُ البريئةُ موضعاً
تَـجودُ بِـها الأيـدي فتـأتـي لها رَكـبـا
فـأبـقَـى على مـاءِ المَـلامـةِ أرتَـوي
فلا أشتهِـي رَشفـاً ولا أكتفِـي نَـصـبـا
فهل عَـلِمَـت سُعدى بِـأنِّي مُـتَـيَّـمٌ ؟
فوَ اللهِ قـد باتَ الفؤادُ بِـهـا صــبَّـا
فلا الموتُ يـأتيني ويُـنقِـذُ حـالتي
ولا الخيطُ أبقى من محبَّـتِـنـا عَـصـبـا
ستبقى على طولِ الزمانِ شِكايتي
لِـأَظـفَـرَها حـبَّـاً ، لِأَجـتَـنِـيَ الـقُـربـا
ياسر محمد الناصر
تعليقات
إرسال تعليق